بيت راس إحدى مناطق محافظة إربد في الأردن. تقع هذه البلدة إلى الشمال من مدينة إربد وقد أقيمت على أنقاض مدينة كابتيولياس الرومانية القديمة التي تقع على مرتفع يشرف على سهل حوران في الشمال والهضبة الشمالية من الأردن. تقوم مساكن المدينة على أنقاض البلدة القديمة واستعملت حجارتها لبناء هذه المساكن. وقد كانت بيت راس إحدى مدن حلف الديكابولس لذلك تشتهر بكثرة الآثار الرومانية فيها.
تقع بلدة بيت رأس إلى الشمال من مدينة إربد وهي ملاصقة لها تماماً، وتتربع على هضبة مرتفعة تعد من أعلى مناطق محافظة إربد، إذ ترتفع عن سطح البحر 650 متر (الشامي 2004: 11).
تقع بيت رأس على مرتفع مشكلة هضبة، وتحيطها الوديان من الجهات الأربعة. يسود المنطقة مناخ البحر الأبيض المتوسط المعتدل شتاءً الحار صيفاً. وتتميز التربة في المنطقة بأنها تربة صالحة لزراعة وخصبة وتنتشر في المنطقة زراعة الزيتون والعنب وغيرها.
تتكون كلمة بيت رأس من شقين الأول بيت ويعني مكان السكن والإقامة، والثاني رأس ويعني الشيء المرتفع أو العالي، فيصبح معناها السكن في المكان المرتفع (الشامي 2004: 11). ويذكر ياقوت الحموي أن بيت رأس لغوياً تعني العيش في المرتفعات، حيث أن بيت يعني منزل، أما رأس فيعني أعلى ارتفاع البلدة، وقد تم التعرف على معاصر العنب في الجهة الجنوبية، وهذا يؤكد شهرة بيت رأس بصناعة الخمور (الحموي 1955). ويورد البكري أن بيت رأس سميت كابيتولياس خلال العصر الروماني، وكلمة كابيتو تعني رأس وهي أعلى نقطة في جسم الإنسان، ولياس تعني المنزل، ويقول البكري: من بيت رأس عتقت في الختام شج بصهباء لها سورة يولى عليها فرط عام فعام عتقها دهرا رجاء برها (البكري 1947). كانت بيت رأس إحدى مدن حلف الديكابولس الروماني؛ حيث يعتقد بأنها تأسست في حكم تراجان 97/98م، وأطلق عليها اسم المدينة جديدة "جوبتير كابيتوليانس Gupiter Capitolinus"" نسبة للمعبد الرئيسي في المدينة والذي ظهر على المسكوكات (Piccirillo 1978: 96- 107).
ويذكر البلاذري أن المدينة دخلت في الإسلام بدون قتال إبان الفتح الإسلامي لبلاد الشام (البلاذري 1978). و يرد ذكر المدينة بيت رأس في شعر شاعر الرسول- صلى الله عليه وسلم- ويقول حسان بن ثابت: كأن سبيئة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء (ثابت1974).
الاسم العربي: بيت رأس، الاسم الكلاسيكي: CAPITOLIAS، الاسم اليوناني: KAПІГФΛІАС. Rosenberger 1978)). كما ويرد ذكر المدينة في لائحة المؤرخ الروماني بطليموس باسم كلبيتولياس ضمن مدن حلف الديكابولس الرومانية العشرة (Jones 1937).
قال فيها مصطفى وهبي التل (عرار):
زار المدينة عدد من الرحالة والرواد أمثال سيتزن وبكنجهام وميرل ومتمان وشيري لينزن ومكويتي وشومخر الذي قام بإعداد المخططات لبعض المناطق المهمة في المدينة حسب اعتقاده بين عامين 1878- 1879م، وقد أشار إلى منطقة رأس التل، وأظهر أن المدينة كانت محاطة بسور (Schumacher 1889). وأثناء تنقيبات شيري لنزن في المنطقة خلصت إلى أن هذا الجدار هو جزء من سور المدينة (كبيتولياس الرومانية) (Lenzen,et al 1985:180)،و قد أدراجها نلسون جلوك ضمن عملية المسح الأثري التي قام بها لمواقع شرقي الأردن عام 1951م. و في عام 1999م قامت دائرة الآثار الأردنية بالكشف عن باقي العناصر المعمارية والحضارية في الموقع لدلالة على عظمة المدينة في تلك الآونة (كراسنة وفياض 2005: 39).
وكانت تشتهر بصناعه النبيذ. ودليل ذلك انه تغنى بها عدد من الشعراء الكبار من امثال حسان بن ثابت وامرؤ القيس وعنترة بن شداد
ولا ننسى الشاعر الأردني الراحل مصطفى وهبي التل عندما تغنى ببيت راس كأن سبيئه من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء
أُرخت المدينة بناءً على قطع المسكوكات والكسر الفخارية التي تم العثور عليها في أكثر من منطقة في المدينة سواء من المدافن أو معاصر العنب والزيتون أو المسرح، وبناءً على المسكوكات التي أرخت إلى 165- 166م. وقد كانت هذه الفترة بداية سك المسكوكات في المدن. ولكن يعتقد أنها بنيت في فترة حكم تراجان 97/98م (Piccirillo 1978: 96- 107)، وقد زاد من ازدهار المدينة وقوعها على الطريق التجاري المعروف باسم "طريق تراجان"، وكانت تشكل مع المدن الرومانية الأخرى حلف مدن العشر المعروف باسم "حلف الديكابولس"، ومع إنشاء الولاية العربية عام 106م خضعت بيت رأس إلى فلسطين إدارياً في القرن الثاني الميلادي كغيرها من المدن الأخرى في المنطقة. وقد أعيد استخدام المدينة في العصور اللاحقة البيزنطية والإسلامية، ولا تزال بيت رأس مسكونة وعامرة بالحياة حتى هذا اليوم (الشامي 2003: 93).
شهدت بيت رأس ازدهاراً في فترة الامبراطورية البيزنطية وقد تمثلت بالمجمع الكنسي في نيقيا عام 325م وكالكيدون عام 451م (Lenzen & Mcquitty 1989، ولقد حضر قسيسوها تلك المجامع الكنسية.
أنشئ البناء على المخطط البازيليكي Aid، وهو عبارة عن كنيسة مكونة من صالة وسطى وجناحين وأرضياتها مزخرفة بالفسيفساء (قاقيش 2007: 316).
كشفت الحفريات في موقع عن الكنيسة، وعن قطع رخامية من ألواح وأعمدة حاجز الهيكل، وقد نقش على أحد الألواح (باليونانية) التالي: " أبناء أركاديوس" وتشير على الأرجح لمتبرعين (قاقيش 2007: 366). ويبدو أن هذه الكنيسة ليس لها مخطط محدد النمط المتبع في بناء الكنائس في العهد البيزنطي والأموي (قاقيش 2007: 365).
أنشئ البناء على المخطط البازيليكي (Aid) وهو يتشكل من صالة وسطى وجناحين، لقد تم الكشف عن محرابين إحداهما رئيسي، وتوقع المنقبين وجود محراب ثالث. و قد قام بناء الكنيسة على بناء قديم مؤرخ إلى القرن الثالث الميلادي، ولكن بناء على ما تم العثور عليه في الكنيسة من معثورات وقطع فخارية فقد أرخت إلى منتصف القرن الخامس الميلادي (قاقيش 2007: 220- 221).
تميز المسرح بعمارته الفريدة مع وجود أبراج تحصينية وهو الأول على هذه الشاكلة في المنطقة، وجاء فن البناء بعمارة الواجهة الرئيسية للبناء (واجهة المسرح الشمالية)، والتي تضم سبع بوابات، وهذه البوابة تبين العنصر الأقدم وهو العصر الروماني والذي يؤرخ إلى القرن الثاني الميلادي، ثم أضيف لاحقا الجدار الداعم الذي شيد أمام الواجهة الرئيسية وملاصق لها ويغلق مداخلها بالكامل، ويعود للفترة الرومانية المتأخرة إذ تم الإبقاء على مدخل في الجدار الداعم يوازي المدخل الرئيسي وبنفس المسافة بعرض 2.10، ومساوي لبوابة الواجهة الرئيسية وبنفس البوابة المركزية للمسرح وبقي المدخل مفتوحا لفترة ما ثم أعيد إغلاقه (الشامي 2002: 68)، وكانت مادة البناء المستخدمة في بناء المسرح مكونة من الحجر الجيري والبازلتي، وتم استخدام نظام الأقبية في التسقيف وقد ادخل الخشب في عملية البناء (الشامي 2003: 98- 99).
العناصر المعمارية الرئيسية للمسرح:
شهدت المدينة ازدهاراً في القرنين الثاني والثالث الميلاديين، وقد كشف فيها عن مدافن رومانية إحداها مقطوع في الصخر، ملون ومزين برسومات جدارية رائعة. وغالباً ما ترجع هذه القبور للقرنين الثاني والثالث الميلاديين، وتم الكشف أيضاً عن مدافن بيزنطية ومعصرة زيتون داخل كهف يؤرخ إلى القرن الخامس الميلادي، كما وينتشر في البلدة آبار المياه (Lenzen & Mcquitty 1988). و قد زينت جدران المدافن برسومات جدارية يظهر فيها أخيل البطل اليوناني في حرب طروادة وهو يطارد عدوه هكتور ملك طروادة خارج أسوار المدينة، وقد كتب اسم المدينة بالون الأحمر (ADAJ 1983).
البلاذري، أبو الحسن أحمد بن يحيى. 1978؛ فتوح البلدان، تحرير: رضوان محمد، بيروت: دار الكتب العلمية.
البكري، أبو عبيد الله. 1947؛ معجم ما استعجم، القاهرة: مطبوعات لجنة التأليف والنشر.
ثابت، حسان.1974؛ ديوانه، تحرير: حنفي وحسنين كامل، القاهرة: دن.
الحموي، ياقوت. 1955؛ معجم البلدان، بيروت: دار صادر.
خوري، ميسون.1990؛ الأرضيات الفسيفسائية في كنيسة اليصيلة : دراسة مقارنه مع بعض ارضيات الكنائس في شمال الأردن، رسالة ماجستير غير منشورة، إربد: جامعة اليرموك.
الشامي، أحمد. 2002؛ مشروع التنقيبات الأثرية في بيت رأس- إربد موسم 2002، حولية دائرة الأثار العامة، المجلد 46، ص: 61- 69.
الشامي، أحمد. 2003؛ مشروع التنقيبات الأثرية في بيت رأس- إربد موسم 2002 تقرير أولي، حولية دائرة الأثار العامة، المجلد 47، ص: 93- 104.
الشامي، أحمد. 2004؛ مشروع التنقيبات الأثرية في بيت رأس موسم 2002 تقرير أولي، حولية دائرة الأثار العامة، المجلد 48، ص: 11- 22.
قاقيش، رندة. 2007؛ عمارة الكنائس وملحقاتها في الأردن في العهدين البيزنطي والأموي، عمان: دار ورد.
كراسنة، وجيه وفياض، سلامة. 2005؛ مسرح بيت راس الأثري، حولية دائرة الأثار العامة، المجلد 49، ص: 39- 45.
1974; ADAJ 27, Pp: 119.
Jones, A.H.M.1937; The Cities of the Eastern Roman Provinces, Oxford.
Lenzen, C.J. and et al.1985; Excavation at Tell Irbed and Beit Ras, ADAJ 29, Pp: 151- 159.
Lenzen, C. and Mcquitty, M.1988; The 1984 Survey of the Irbed / Beit Ras Region, ADAJ 32, Pp: 265- 272.
Lenzen, C. and Mcquitty, M.1989; Beit Ras (Capitolias),In D. Hornes- Frederica and J.B. Hennessy (eds), Archaeology of Jordan11- Field Reports. Akkadica Sapplementum V 11, Leaven: peters, Pp: 193- 195. Jordan
Piccirillo, M.1978; The Coins of The Decapolis & Provincia Arabia, Jerusalem: Franciscan Printing Press.
Rosenberger, M.1978; The Coinage of Eastern Palestine, and Legionary Countermarks, Bar-Kochba Overstrucks: Jerusalem.
Schumacher,G.1889; Abila of the Decapolis: North Ajlun. London.