يعد متنزه سيرينغيتي الوطني متنزهًا وطنيًا (حديقة وطنية) ضخمًا في سيرينغيتي في اروشا في تنزانيا. وهو يشتهر بشدة بالهجرة السنوية لما يزيد عن مليون ونصف المليون من حيوانات النو ذات اللحية البيضاء (أو الرمادية المخططة) و250 ألف حمار الزرد. ويُنظر إلى متنزه سيرينغيتي الوطني بشكل كبير على أنه أفضل محمية للحياة البرية في إفريقيا بسبب كثافة الحيوانات المفترسة والفرائس به.
كان شعب الماساي (Maasai) يقومون برعي أغنامهم في السهول المفتوحة والتي كانوا يعتبرونها على أنها "سهول لا نهاية لها" لمدة 200 عام عندما قام المستكشفون الأوائل بزيارة المنطقة. وكلمة سيرينغيتي هي كلمة قريبة للكلمة التي كانت تستخدمها شعوب الماساي لوصف المنطقة. وقد وصل الجغرافي والمستكشف الألماني الدكتور أوسكار باومان (Oscar Baumann) إلى المنطقة في عام 1892. وقد قام باومان بقتل ثلاثة حيوانات وحيد القرن أثناء إقامته في منطقة نجورو نجورو (Ngorongoro).
وقد قام أول بريطاني يزور سيرينغيتي، وهو استيوارت إيدوارد وايت (Stewart Edward White)، بتسجيل استكشافاته في شمال سيرينغيتي في عام 1913. وقد عام استيورات إلى سيرينغيتي في العشرينيات من القرن العشرين، وأقام معسكرًا في منطقة حول سيرونيرا (Seronera) لمدة ثلاثة أشهر. وخلال تلك الفترة، قتل هو ورفاقه 50 أسدًا.
ونظرًا لأن صيد الأسود جعلها نادرة للغاية، قرر البريطانيون عمل محمية جزئية للطرائد مساحتها 800 آكرs (3.2 كم2) في المنطقة عام 1921 ثم قاموا بعمل محمية كاملة لها في عام 1929. وقد أصبحت تلك الإجراءات بمثابة الأساس لمتنزه سيرينغيتي الوطني، الذي تأسس في عام 1951. وقد حصل متنزه سيرينغيتي على المزيد من الشهرة بعد الأعمال المبدئية التي قام بها بيرنهارد جيرزيميك (Bernhard Grzimek) وابنه مايكل في الخمسينيات من القرن العشرين. فمعًا، قاما بإنتاج الكتاب والفيلم متنزه سيرينغيتي لن يموت (Serengeti Shall Not Die)، والمعروف بشكل عام على أنه أهم الوثائق المبكرة الصادرة بخصوص الحفاظ على الطبيعة وحمايتها.
وكجزء من إنشاء المتنزه، وبهدف حماية الحياة البرية والحفاظ عليها، تم نقل شعب الماساي المقيم في المنطقة إلى مرتفعات نجورو نجورو. وما زال هناك الكثير من الجدل المثار حول هذه النقلة، مع وجود ادعاءات بالإكراه والخداع من جانب السلطات الاستعمارية.
يعد متنزه سيرينغيتي هو أقدم متنزه وطني في تنزانيا ويبقى بمثابة الرائد في صناعة السياحة في تنزانيا، حيث إنه يوفر مصدرًا كبيرًا للجذب إلى "دائرة السفاري الشمالية"، التي تشتمل على المتنزهات الوطنية التالية: بحيرة مانيارا، وتارانجير وآروشا، بالإضافة إلى منطقة محمية نجورو نجورو
ويغطي المتنزه مساحة 14,763 كم2 (5,700 ميل2) من سهول المراعي والسافانا، بالإضافة إلى الغابات النهرية والغابات الحرشية. ويقع المتنزه في شمال الدولة، حيث يحده من الشمال الحدود الوطنية بين تنزانيا وكينيا، حيث يستمر مع محمية ماساي مارا الوطنية. وإلى الجنوب الشرقي من المتنزه، تأتي منطقة محمية نجورو نجورو، وإلى الجنوب الغربي منه يقع محمية ماسوا (Maswa) الطبيعية، وعلى الحدود الغربية منه تأتي إيكورونجو ومحميات جرومتي (Grumeti) للطرائد، وإلى الشمال الشرقي منه تأتي منطقة لوليوندو (Loliondo) للتحكم في الطرائد. وبشكل إجمالي، تمثل هذه المناطق نظام سيرينغيتي البيئي.
وتحظر إقامة البشر في المتنزه الوطني باستثناء موظفي TANAPA، والباحثين وموظفي جمعية فرانكفورت للحيوان، بالإضافة إلى موظفي النزل والفنادق المختلفة. والمستوطنة الرئيسية هي سيرونيرا، والتي تأوي أغلبية موظفي الأبحاث والمقر الرئيسي للمتنزه، بما في ذلك مهبط الطائرات الرئيسي.
وغالبًا ما يتم وصف المتنزه على أنه مقسم إلى ثلاث مناطق:
بالإضافة إلى هجرة الحيوانات ذات الحوافر، يشتهر المتنزه بتوفر عدد كبير متميز من حيوانات الحياة البرية الأخرى التي تقيم به، خصوصًا "محمية الطرائد الخماسية"، والتي سميت بهذا الاسم بسبب أثمن خمس بطولات حصل عليها الصيادون:
كما يدعم المتنزه كذلك العديد من الأجناس الأخرى، بما في ذلك الفهد الصياد وغزال تومسون (Thomson) وغرانت (Grant)، والتوبي والإيلاند وظبي الماء والضبع والبابون والظبي والكلب البري الإفريقي والزراف. كما أن المتنزه كذلك يفخر بامتلاكه حوالي 500 نوع من أنواع الطيور، بما في ذلك النعام والطائر الكاتب وحباري كوري والكركي ذي التاج واللقلق أبو سعن وصقر مارشال وطيور الحب والعديد من أنواع النسور.
بسبب التنوع الحيوي والأهمية البيئية للمنطقة، تم إدراج المتنزه ضمن قوائم اليونسكو على أنها واحدة من مواقع التراث العالمي. وتعد الجهة الإدارية التي تتبعها كل المتنزهات في تنزانيا هي إدارة المتنزهات القومية في تنزانيا (TANAPA). كما تم الإعلان عن أن المتنزه القومي كذلك هو منطقة محمية من الفئة الثانية لدى الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN)، والتي تعني أنه يجب إدارتها، سواء من خلال وثيقة قانونية من من خلال أي وسيلة فعالة أخرى من أجل حماية النظام البيئي أو العمليات البيئية بشكل عام.
وقد كان ميليس تيرنر (Myles Turner) واحدًا من أول القيمين على محمية الطرائد، ويعزى إليه إنشاء تحصينات تحمي من الصيد بدون إذن. وتوفر سيرته الذاتية أعوامي في سيرينغيتي (My Serengeti Years): ذكريات قيم على محمية طرائد إفريقية (the Memoirs of an African Game Warden) معلومات تاريخية مفصلة حول السنوات الأولى لمتنزه سيرينغيتي الوطني.
في نهايات عام 2010، اقترح رئيس تنزانيا جاكايا كيكويت (Jakaya Kikwete) بناء طريق جديد عبر متنزه سيرينغيتي الوطني. وفي حين أنه قال أن هذا الطريق سوف يؤدي إلى إجراء تطويرات ضرورية للغاية في المجتمعات الفقيرة، فإن الآخرين، بمن فيهم مجموعات حماية البيئة والحكومات الأجنبية، مثل حكومة كينيا، يقولون أن الطريق يمكن أن يؤدي إلى إتلاف عملية الهجرة الضخمة والنظام البيئي في سيرينغيتي بشكل لا يمكن إصلاحها معه. ويُعتقد أن الرئيس يحاول عمل هذا الطريق من أجل تحقيق مصالح خاصة به تتعلق بالانتخابات القادمة، رغم أنه يدري أن ذلك سوف يؤدي إلى إتلاف الحياة البرية الضخمة في النظام البيئي في سيرينغيتي.
وخلال أواخر يونيو من عام 2011، قررت الحكومة إلغاء فكرة إنشاء الطريق من موسوما (Musoma) وآروشا (Arusha) والذي يعبر سيرينغيتي بسبب الاحتجاج الدولي ضد تلك الخطط.